أحكام فقهية تخصني والمسلمين في أوروبا

2024-04-17 12:34:16 عدد المشاهدات: 11223 |
1008 - استاذي الكريم
لدي عدة اسئلة تخص المسلمين في اوروبا اذكر لك منها التالي
1 ماهو حكم نجاسة الكلب ( ارجو ذكر الدليل )
2 يعتبر البعض ان الاحتفال ب افراح المشركين من باب الشرك وهو محرم ، فهل يحرم مشاركة المجتمع السويدي في افراحهم ظاهريا?
3 يعتبر البعض ان عدم المصافحة من قلة الاحترام حتى ولو كان بين جنسين مختلفين و قد يترتب على ذلك مشاكل كثيرة فهل يجوز المصافحة درئا للمشاكل ? وهل يترتب على ذلك امر غير نقض الوضوء
4 ماهو حكم الاستنجاء بغير الماء او الحجر ( اي استخدام المناديل الورقية )
5 يعتبر البعض ان مادة الجيلاتين الداخلة في انشاء اغلب الحلويات من مشتقات الخنزير فهل يحرم اكل اي شيئ فيه مادة الجيلاتين ?
6 ماهو حكم الصيام في السويد بالنسبة ل اصحاب العمل و الطلاب ?
7 يوجد تقييم لجميع المشروبات بحيث انه كل مشروب لفئة -18 سنة خالي من الكحول تماما فهل يوجد شبهة في مثل هذه المشروبات?
....
ارجو الغاء زر تفريغ الخانات لاني عدت الكتابة اكثر من مرة و جزاك الله خيرا

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:

أهلاً بكم أخي الكريم في موقعك، ونسأل الله تعالى أن يحفظك وجميع المسلمين..

أما الجواب على أسئلتكم:

السؤال الأول- حكم نجاسة الكلب:

اختلف الفقهاء في نجاسة الكلب على ثلاثة أقوال:

- الأول: نجاسة الكلب كله: (شعره، وجسمه، ولعابه) وهو قول الشافعية والحنابلة.‏

- الثاني: الطهارة مطلقاً، وهو مذهب المالكية.‏

- الثالث: نجاسة اللحم والريق (اللعاب والسؤر)، وطهارة الشعر والجلد، وهو قول الحنفية.‏

أما الدليل على نجاسة الكلب فقد جاء في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا شَرِبَ الكلبُ في إناء أحدِكم فلْيَغسِلْه سبعَ مرَّات».

وفي رواية: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه، ثم ليغسله سبع مرات».

وفي رواية أخرى: «طُهُورُ إناءِ أحدِكم إذا وَلَغَ فيه الكلب: أن يغسلَهُ سبعَ مرات، أولاهُنَّ بالتراب».

والدلالة في الحديث على نجاسة الكلب ظاهرة؛ لأنه لو لم يكن نجساً لما أمر بإراقته؛ لأنه يكون حينئذ إتلاف مال، وقد نُهينا عن إضاعة المال.

وفي رواية: «طهور إناء أحدكم...» دلالة واضحة على نجاسة الكلب؛ لأن الطهارة تكون من حدث أو نجس، وقد تعذَّر حمل المعنى هنا على طهارة الحدث، فتعيَّنت طهارة النجس.

والذي نميل إليه في هذه المسألة -والله أعلم- هو قول الحنفية، لأن الأصل في الأشياء الطهارة، إلا إذا ورد نص ‏بالنجاسة، فيبقى شعر الكلب وجلده على الأصل في الطهارة، أما لحم الكلب وريقه ‏فنجس.

وننبه الأخ السائل أنه لا يجوز اقتناء الكلاب إلا لصيد أو حراسة (ماشية وزرع)، ولا ينبغي للمسلم تقليد الكفار من المجتمع الغربي في تربية الكلاب والركض معها، والتهاون في لمسها.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنِ اتَّخَذَ كَلْباً -إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ، أوْ صَيْدٍ، أوْ زَرْعٍ- انْتُقِصَ مِنْ أجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ» [رواه مسلم]

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَنَى كَلْباً -إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ، أوْ ضَارِياً- نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ» [رواه البخاري ومسلم]

 

أما السؤال الثاني- حكم الاحتفال بأفراح المشركين:

فإن مشاركة غير المسلمين في أعيادهم بمثابة مشاركة لهم في شعيرة من شعائرهم، وهو تقدير لها وإقرار لهم عليها، وهذا قد يؤدي إلى ميل القلب إليهم وموالاتهم؛ ذلك أن عيد الأمة من أخص خصوصياتها، يدخل في صميم معتقداتها، وفي صميم ثقافتها، وفي صميم أنماط حياتها..

فإذا شارك المسلم غير المسلمين في أعيادهم، وفي أفراحهم، وفي أتراحهم، وفي عاداتهم، وفي تقاليدهم، وفي أنماط سلوكهم، فقد اتجه إليهم، ووالاهم، وأحبَّهم، وهو يشعر أو لا تشعر! 

وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ومن تشبه بقوم فهو منهم». [رواه أحمد وأبو داود]. 

نعم، يمكن أن تسلِّم عليهم، ويمكن أن تزورهم في بيوتهم، ويمكن أن تهنئهم بمولود لهم، يمكن أن تقدِّم لهم الهدايا، ويمكن أن تنصح لهم إذا عاملتهم، لقول الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} [الممتحنة: 8].

وقال أيضاً: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا} [المائدة: 2].

فالموقف المتعنت المتشنج الضيق المتعصب مرفوض في الإسلام، والنبي عليه الصلاة والسلام وقف لجنازة من أهل الكتاب بلا تشنج ولا تعصب ولا ضيق أفق، لك أن تعايشهم وتعاونهم وتنصحهم، لكن ليس لك أن تتمثل أنماط حياتهم، وليس لك أن تقرَّهم على عقيدة يعتقدونها تخالف كتابنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وليس لك أن تقرَّهم على احتفال يكرِّس عقيدة مخالفة لشرعنا.

وإن العجب لا ينقضي من مسلمين يتهالكون على مشاركة النصارى أعيادَهم، في الوقت الذي لا يرفع النصارى بأعياد المسلمين رأساً، وقد يمنعونهم من أخذ إجازة في هذه المناسبة!

فالله المستعان، ونسأله أن يبصر المسلمين بما فيه نفعهم.

 

أما السؤال الثالث- حكم مصافحة المرأة الأجنبية:

فلا يجوز مصافحةُ المرأة الأجنبية الشابة، لحديث معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لأنْ يُطعَن في رأسِ أحدكم بمخيَطٍ من حديدٍ، خيرٌ له من أن يمسَّ امرأةً لا تحلُّ له» [رواه الطبراني والبيهقي، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وقال المنذري: رجاله ثقات].

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم النّساء قط إلا بما أمرَهُ الله تعالى، وما مسَّتْ كفُّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كفَّ امرأةٍ قط، وكان يقول لهنّ إذا أخذ عليهنّ: قد بايعتُكُنَّ كلاماً». [رواه البخاري ومسلم].

قال النووي رحمه الله: (وقد قال أصحابنا: كلُّ مَن حَرُمَ النّظر إليه حَرُمَ مسُّه، بل المس أشدُّ، فإنه يَحِلُّ النظر إلى الأجنبية إذا أراد أن يتزوجها، ولا يجوز مسُّها).

أما إذا كان أحدُ المتصافحين عجوزاً لا يَشتَهي ولا يُشتهى، فقد أباح الحنفيةُ والحنابلةُ المصافحة خلافاً للمالكية والشافعية.

ولا يختلف حكم المصافحة سواءً كان المجلس مختلطاً أو كان غير مختلط، وسواء بادرت المرأة بالمصافحة أو بادر الرجل بذلك، ولا يقبل الإحراج عذراً للمخالفة، فالله أحق أن يستحيى منه.

 

أما السؤال الرابع- حكم الاستنجاء بغير الماء والحجر:

فإن الاستجمار بالأحجار والأوراق -المناديل- ونحوها يقوم مقام الاستنجاء، بشرط تنقية المحل وتطهيره من النجاسة.

جاء في الموسوعة الفقهية: (اشترَطَ الحَنَفِيَّةُ وَالمَالِكِيَّةُ فِيمَا يُستَجمَرُ بِهِ خَمسَةُ شُرُوطٍ: أَن يَكُونَ يَابِسًا -وَعَبَّرَ غَيرُهُم بَدَل اليَابِسِ بِالجَامِدِ-، طَاهِرًا، مُنَقِّيًا، غَيرَ مُؤذٍ، وَلاَ مُحتَرَمٍ).

فإذا كانت هذه المناديل قد أزالت النجاسة من المحل، فإن المحل يُعَدُّ طاهراً، ولا يشترَط الماء، ولا يلتَفَت للريح إن بقي في المكان بعد تطهيره، والأفضل طبعاً هو استعمال الماء لأنه أنقى وأطهر.

 

وأما السؤال الخامس: حكم مادة الجيلاتين:

فلا حرجَ في استخلاص الجيلاتين من جلود وأعصاب وعظام الحيوانات المباحة والمذكاة ذكاةً شرعية، أو من نبات غير ضار ولا سام.

وهذا النوع من الجيلاتين مباح، ولا حرج في استعماله وتناوله في الغذاء والدواء.

ولا يجوز استخراج الجيلاتين من لحوم وعظام وجلود الخنزير أو الحيوانات المباحة التي لم تذكَّ ذكاة شرعية.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: (يجوز استعمال الجيلاتين المستخرج من المواد المباحة، ومن الحيوانات المباحة، المذكَّاة تذكية شرعية، ولا يجوز استخراجه من محرم: كجلد الخنزير وعظامه وغيره من الحيوانات والمواد المحرمة).

فإن تمت معالجة ما تم استخراجه من ميت أو محرَّم اللحم حتى تحول إلى مادة أخرى قبل إضافته إلى المأكول فالراجح أنه يطهر ويجوز استعماله لأن التحول طهره كما طهَّر التحول إلى الخل المادة المسكِرة. 
أما إذا لم تحصل معالجتها وتحويلها إلى مادة أخرى فإنها تبقى على نجاستها وحرمة استعمالها

فإن كانت المادة مجهولة الحال أو المصدر، فالظاهر إباحتها، ويكفي أن تقرأ المكونات المدونة على أغلفة هذه الأغذية لتعرف ما إذا كان من بين مركباتها شيء محرم أو لا، ولستَ مطالباً بالتعمق والبحث والاستقصاء فيما وراء ذلك، لأن ذلك يفضي إلى الحرج والعنت.

فإذا لم تكن المكونات مكتوبة على السلعة، فلا يحظر استعمالها ما لم تتيقن أو يغلب على ظنك حرمة أصل هذه المواد ، إلا إنه يستحب اجتنابها على سبيل الورع والاحتياط ما أمكن، وفي غيرها مما أباح الله وأحلَّ ولا شبهة فيه غنية إن شاء الله.

 

وأما السؤال السادس- حكم الصيام في السويد:

فقد سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية عن الصيام في بعض الدول الاسكندنافية، فأجابت جواباً نراه سديداً -والله أعلم-، قالت:

(خاطب الله المؤمنين بفرض الصيام، فقال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، وبيَّن ابتداء الصيام وانتهائه، فقال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]، ولم يخصص هذا الحكم بِبَلَدٍ ولا بِنوع مِن الناس، بل شَرَعه شَرْعًا عاماً، وهؤلاء المسؤول عنهم داخلون في هذا العموم...، فمن شَهِد رَمَضان مِن الْمُكَلَّفِين وَجَب عليه أن يصوم، سواء طال النهار أو قَصُر، فإن عَجِز عن إتمام صيام يوماً وخاف على نفسه الموت أو المرض جاز له أن يُفْطِر بما يَسُدّ رَمَقَه ويَدفع عنه الضرر، ثم يُمْسِك بقية يومه، وعليه قضاء ما أفطره في أيام أخر يتمكن فيها من الصيام.  ا.هـ).

 

وأما السؤال السابع- شرب المشروبات الخالية من الكحول:

فالأصل في الأطعمة والأشربة الحِل، مالم يأت الدليل المانع منها.

فكلُّ طعام أو شراب -لم ينص على تجريمه- فهو حلال، ومن المعلوم المنصوص عليه أنَّ العلَّة في تحريم الخمر هي الإسكار؛ قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ما أَسْكَرَ كثيرُهُ فقليلُهُ حرام» [رواه الترمذي وأبو داود]

فحيثما وجِد الإسكار -ولو بنسبة قليلة- وجِد التحريم، وحيثما انتفى الإسكار انتفى التحريم.

 

شاكراً تحرِّيك الحلال، واستفسارك عن شأن دينك، راجياً الله تعالى أن يعصمك من الخطأ ويجنبك الزلل.

والله تعالى أعلم

أضف تعليقاً