التزيُّن والتجمُّل مطلوب من الزوجة ، وكذلك مطلوب من الزوج، ولا يمكن أن نعدّ إهمال الرجل لنفسه واحداً من صفات الرجولة فيه ، بل إن إهمال الشاب لهذا الأمر نذير خطر على أسرته فيما بعد، لأنه مأمور بإعفاف زوجته كما هي مأموره بإعفافه، قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]
ومرة.. كان رسول الله ﷺ في المسجد، فدخل رجل ثائرَ الرأْس واللِّحية، فأَشار إليه رسول الله ﷺ بيده، كأنه يأمُرُه بإِصلاحِ شعره ولحيته، ففعل، ثم رجع، فقال رسولُ الله ﷺ: «أَليس هذا خيراً مِن أَن يأتيَ أحدُكُمْ وهو ثائِرُ الرأس، كأنه شيطان» [مالك في الموطأ]
ويقول سيدنا عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: (إني لأتزين لامرأتي كما أُحبُّ أن تتزين لي) [النسائي في عشرة النساء]
فالرجل معني بالتجمُّل كما المرأة، وتجمله يكون بطهارته، ونظافته، والعناية بجسده من إزالة شعر، وتهذيب شكل، وتقليم ظفر، ووضع طيب...، ولا يمكن بحال اعتبار إهمال الرجل نفسَه واحداً من صفات الإنسان السوي السليم، ناهيك عن صفات الرجل القيِّم القويم.
وقد حرَّم الإسلام بعض الزينة على الرجال، وهي الزينة التي لا تليق بالرجولة كالذهب والحرير، وما كان فيه تشبُّه بالنساء وأهل الفسق والمجون.
جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقالت:
يا أمير المؤمنين، لا أنا ولا زوجي!!
فقال لها: وما لكِ من زوجك؟
قالت: مُر بإحضاره! فأُحضِر، فإذا رجلٌ قذِرُ الثياب قد طالَ شعرُ جَسَده وأنفه ورأسه، فأمَر عمر أن يؤخَذ من شعره، ويُدخَل الحمام، ويُكسى ثوبين أبيضين، ثم يؤتَى به، ففُعل ذلك، ودعا المرأةَ، فلما رأَت الزوج قالت: الآن!فقال لها عمر رضي الله عنه: اتقي الله، وأطيعي زوجكِ، قالت: أَفعلُ يا أمير المؤمنين.
فلما ولَّت قال عمر رضي الله عنه: (تَصَنّعُوا للنساء فإنهنّ يحبِبْنَ منكم ما تحبون منهنّ).
ومرة أخرى جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت: أشكو إليك خيرَ أهل الدنيا إلا رجلاً سبقَه بعمل أو عمل بمثل عمله، يقوم الليل حتى يصبح، ويصوم النهار حتى يمسي، ثم تجلاَّها الحياء، فقالت: أقِلني يا أمير المؤمنين!
فقال: جزاك الله خيراً، قد أحسنتِ الثناء، قد أقلتُك.
فلما ولَّت قال كعب بن سور: يا أمير المؤمنين، لقد أبلغَت إليك في الشكوى!
فقال: ما اشتكت؟
قال: زوجها!
قال: عليَّ المرأة. فقال لكعب: اقض بينهما، قال: أَقضي وأنت شاهد؟!
قال: إنك قد فطنتَ إلى ما لم أفطن!
قال: إن الله يقول: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3]، صم ثلاثة أيام وأفطر عندها يوماً، وقم عندها ثلاث ليال وبت عندها ليلة، فقال عمر: لهذا أعجَب إليَّ من الأول! فرحل به أو بعثه قاضياً لأهل البصرة. [طبقات ابن سعد]