السؤال: هل يمكن للفتاة أن ترفض الشاب الخاطب بسبب فقره؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أهلاً بكم في موقعكم، ونسأل الله تعالى أن يقسم لكم فيه الخير وللمسلمين.
هذه نقطة دقيقة في مسألة الاختيار، فبعض الأولياء - وحتى بناتهم - يغضون الطرف عن الحالة المالية للشاب المتقدم بذريعة التسامي فوق النظر في الماديات، والعمل بمقتضى قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32].
هذا السلوك يكون صحيحاً إذا كان الشاب - بشكل عام - جاداً في حياته، وظهر ذلك من خلال سيرته الذاتية، وتبين بعد السؤال والاستقصاء أنه سبق له تحصيل نوعي في المجال العلمي أو الدراسي أو المهني أو العملي...
مثاله: طالب في كلية الطب، مجتهد في دراسته، يحمل مسؤولية أم وأخت، يعمل في الصيف، وقد يعمل في الشتاء بضع ساعات، هذا من الطبيعي جداً أن يكون ضعيفاً مادياً ما لم يكن له أهل يدعمون، فيمكن تزويجه لو تقدّم، مع الاطمئنان على مستقبل البنت والاستبشار بأنه سوف {يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}.
لكن الشاب الفقير قد يكون فقره بسبب كسله، فتراه خمولاً، غير مسؤول، عادياً جداً، بل أقل من عادي، له تحصيل بالمستوى الأدنى من الدراسة أو العمل، أو في الدراسة فقط لأنه في الشتاء يسيطر عليه وهم اسمه: ( وهم التفرغ للدراسة )، وفي الصيف وهم (الارتياح من الدراسة )، فهو لا يحمل مسؤولية شيء ولا مسؤولية أحد، ولم يسبق له تحصيل يبرهن جديته في الحياة وكفاءته لحمل الأسرة مستقبلاً، ففي هذه الحالة يُعتذر إليه، ولا يصح للأهل أن يتغاضوا عن سوء حالته المالية والعملية فيخاطروا بمستقبل ابنتهم وأمانها المالي واستعفافها بمال زوجها عن لؤم غيره، وليُعمل - هنا - على أساس قوله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33]، فليعفّ الشاب عن الحرام، وليجمع مؤونة نكاحه، ثم ليطرق أبواب أولياء كرائم النساء، خير له من أن يتشدق بأن الأولياء لا يزوجون الفقراء أمثاله!
والله تعالى أعلم.