هذا موضوع مهم ومتكرر، وسنلخصه هنا بذكر طريقة الاستخارة الصحيحة أولاً، ثم تعقيبات على الحديث الوارد فيها:
أولاً - طريقة الاستخارة:
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلِّمنا الاستخارةفي الأمور كلِّها كما يُعلِّمنا السورة من القرآن، يقول:
«إِذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليركَعْ ركعتين من غيرِ الفريضةِ، ثم ليقل:
اللهم إني أستخيرُكَ بعِلمكَ، وأسْتَقْدِرُك بقدرتكَ، وأَسأَلكَ من فضلك العظيم، فإنك تقدِر ولا أقدر، وتعلَم ولا أعلَم، وأنت علاَّمُ الغيوب.
اللهم إِن كنتَ تعلَم أنّ هذا الأمْرَ خيرٌ لي في ديني، ومعاشي، وعاقبةِ أمري -أو قال: عاجِلِ أمري وآجِلِهِ-، فاقْدُرْهُ لي، ويسِّرْهُ لي، ثم بارك لي فيه.
اللهم إن كنتَ تعلمُ أنَّ هذا الأمر شَرٌّ لي في دِيني ومعاشي، وعاقبةِ أمري -أو قال: في عاجِلِ أمري وآجِلهِ-، فاصْرِفه عَنِّي، واصرفْني عنه، واقْدُرْ لِي الخيرَ حيث كان، ثم رَضِّني به» قال: ويُسَمِّي حاجَتَه) [البخاري].
ثانياً - تعقيبات على الحديث:
- الاستخارة دعاء، سنَّه النبي صلى الله عليه وسلم قبل خوض الأمور وبعد اتخاذ القرار، من باب الاستعانة بالله والتوكل عليه: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159]
- الاستخارة عبادة، ليست مؤشراً على التوفيق والنجاح أو الخذلان والفشل، وليست ضامناً فيهما.
- الاستخارة تكون بعد ركعتين يصليهما صاحب الحاجة نفسه - وليس غيره - لأن الحديث يقول: «إذا همَّ أحدُكم بالأمر فليركع...» [البخاري]
- الاستخارة ليس لها علاقة بالرؤى والأحلام والمنامات، ولا بانشراح الصدر وانقباضه، فالحديث لم يتعرض لذلك إطلاقاً، ولا غيره من الأحاديث ذكر ذلك في الاستخارة.
- الاستخارة ليست كاشفاً عن رأي الله تعالى في الموضوع، ولا استشارة له سبحانه في الأمر، ولا تفويضاً له ليتصرف نيابة عنا ويختار لنا الأنسب مما قد احترنا فيه، لنمضي ونترك الأمر عليه سبحانه، إنما هو دعاء واستعانة به - جل جلاله - وحسب.
- الاستخارة لا تغني عن الاستشارة والاستفسار والدراسة والتفكير ومقارنة السلبيات والإيجابيات المتعلقة بقرار الزواج، بل تكون بعد الاستشارة والتفكير واتخاذ القرار حتى لا يقع الندم، فالحديث يقول: «إذا همَّ أحدُكم بالأمر...».
- الاستخارة ليست بديلاً عن إعمال العقل وتنمية المهارات للتعايش الزوجي وإدارة الخلافات الأسرية «اعقِلْها وتوكّل» [الترمذي]
- الاستخارة ليست مسحة سماوية تضمن الهناء والسرور لمن قام بها متجاوزاً الواقع والمنطق العقلي والحياتي، فهناك أحاديث أخرى قرنت بين الاستخارة والاستشارة، مثل: «ما خاب من استخار، ولا ندِم مَن استشار» [الطبراني]
- الاستخارة ليست دواء سحرياً لتغيير البوصلة بعد الاختيار الخاطئ، ولا ترمم النقص الموجود عند الطرف الآخر، ولا تجبر الكسر، ولا تسد الخلل، وليس من الأدب مع الله أن نقصر في الأسباب ونكل إليه النتائج.
- الاستخارة لا علاقة لها بالمشعوذين وهرائهم، ولا بفتح المصحف والنظر فيه، ولا بالأعداد والطلاسم والرموز التي يستعملها السحرة.
- الاستخارة ليست حلاً مضموناً لكل المشكلات الطارئة بعد الزواج.
والله تعالى أعلم.