من المعلوم أن الحوار هو لغة الناس للتواصل فيما بينهم، وأساس في تقارب الزوجين وتفاهمهما وتعاونهما لحل مشكلاتهما الحياتية، وهو وسيلة ليتأكد كلا الزوجين من وجود المشكلة، وتشخيصها، واقتراح الحلول المناسبة.

وهو كذلك جسر تعبر من خلاله وجهات النظر، وتُكشَف به الأحاسيس المستورة، وهو وسيلة لتفريغ الضغط النفسي عند كل من الزوجين، لاجتناب وقوع الطلاق الذي يُعتبر "الصمت بين الزوجين" ثالث أسبابه الرئيسية كما أوضحت بعض الدراسات([1]).

 

لكن.. لماذا غابت ثقافة الحوار بين الزوجين في كثير من البيوت اليوم ليحل مكانها الطلاق المعنوي بينهما؟

ما الذي يمنع الزوج من محاورة زوجته، مع أنه قد يدرك - نظرياً - أهمية هذا الأمر في علاج المشكلات؟

ما الذي يدفع الزوج لالتزام الصمت حين يكون كلامه أقصى ما تتمنى زوجته، والتي ربما ألِفَت في مرحلة الخطبة إسراف الزوج في طلب التواصل وتبادل الكلام لدرجة الإثقال؟

 

قد يهمك: (الحوار، أهميته وشروطه، ومعيقاته)

 

وقبل سرد الأسباب العشرين التي قد تؤدي إلى إغلاق أبواب الحوار أرى لزاماً الوقوف عند ثلاث نقاط مهمة:

 

النقطة الأولى: إن وعي الزوجين بأسباب انعدام الحوار هو نصف الحل، والمشكلة الحاصلة أن الزوجة غالباً تظن بأن الزوج في واحد من هذه المربعات العشرين دون غيرها، فتسيء فهمه، وتتسع رقعة الاختلاف بينهما ويتزايد الإشكال.

 

النقطة الثانية: كل ما سيأتي يمكن أن ينطبق على الزوج وعلى الزوجة معاً، غير أن الغالب هو انصراف الزوج عن الحوار واعتكافه الصمت، ولذلك تمت معالجة الموضوع من هذه الزاوية مع اشتمالها على الرؤيتين.

 

النقطة الثالثة: ربما ستقرأ زوجة كريمة هذه الأسباب، ثم تبدأ التنقيب لمعرفة السبب الذي يمنع زوجها من محاورتها، فلتعلم أنه لا يشترط أن يكون نفس السبب متكرراً يدفع الزوج كل مرة لإغلاق أبواب النقاش، بل قد يكون لكل خلاف سبب معين يوصل الزوجين إلى النتيجة نفسها (لا حوار).

 

لماذا لا يتحاور الأزواج؟

رأيت أن الذي يمنع الرجل من محاورة زوجته أسباب كثيرة، هذه عشرين من أهمها:

 

1- انعدام الثقة والمصداقية بين الزوجين:

نعم.. يمكن للثقة إن اهتزت بين الزوجين أن تنعكس سلباً على جلساتهما الحوارية..

- فكيف يحاور الإنسان إنساناً لا يثق بولائه له؟

- أو لا يثق بقدرته على كتم الأسرار خارج البيت؟

- أو لا يثق بما يدَّعيه من مبرِّرات ويسرده من قصص؟

بعض المشكلات لا تكون خطورتها في ذاتها بقدر ما تكون خطورتها في أثرها على الثقة المتبادلة بين الزوجين.

 

2- وجود فجوة في التفكير والوعي والفهم بينهما:

- لن تفهم ما أقول..

- لن تعي خطورة الأمر، ولن تقدّر أبعاد المسألة..

- لا أعلم كيف ستكون ردة فعلها، فهي لا تحسن التصرف في أمثال هذه الحالات!

- ستنفعل إذا علمت بالأمر أو فاتحتُها فيه، وستنظر إلى الموضوع من زاويتها الشخصية - كالعادة -!

- أفضِّل أن أعالج الأمر وحدي على أن أرهق نفسي في شرحه لها..

- لا أتحمل اقتراحاتها غير المنطقية، ولا وقت لدي لشرح وجهة نظري، الصعود إلى المريخ أسهل!

كلمات قد يقولها الزوج بينه وبين نفسه قبل أن يفتح مع زوجته باب الحوار، ثم - بعد ذلك - لا يفتحه أبداً - كالعادة -!

 

3- عدم إدراك الفوارق بين الجنسين:

أحياناً لا تكون هذه الفجوة حقيقية - بمعنى التفاوت بين الزوجين في الوعي والثقافة والحالة الاجتماعية... -، بل تكون عائدة لطبيعة اختلاف الرجل والمرأة ووجود الفوارق الطبيعية بينهما في طرق التفكير والمحاكمة والانفعال، لكن غياب وعي الطرفين أو أحدهما بطبيعة ذلك الاختلاف الأزلي يجعله غير قادر على الفهم والإفهام.

فتجد الزوج يحمِّل كلام الزوجة ما لم تقصده!

وهي - بدورها - تحاسبه على معانٍ استنبطتها من كلامه لم يقصدها!

وتبدأ رحلة التحليلات والتحريات البوليسية للتوصل إلى الحقائق من الأدلة المتاحة laugh

 

4- عدم اجتماع الحوار على هدف

ربما تريد الزوجة من يسمَعها فقط، من يهدّئ روعها، من يقدِّر معاناتها ويدعمها معنوياً... لكن الزوج يبدأ باقتراح الحلول وتحليل التصرفات وإصدار الأحكام لأنه يعتبر نفسه (المحقق كونان) المسؤول عن حل كل إشكال يرد إليه ويُعرَض عليه، فتسب الزوجة تلك الساعة التي فتحت فيها الموضوع مع زوجها!

ربما يريد الزوج - كذلك - الوصول إلى اقتراحات عمليَّة، وآراء من زاوية معالجة مختلفة تعينه على تخطي الأمر، فليس مجرد الحوار عنده  هدفاً، إنما الهدف هو الوصول إلى نتائج مجدية بعد الحوار، غير أن الزوجة تبدأ بالتفاعل العاطفي الذي لا يعني الزوج - غالباً - في مثل هذه الحالات، والذي يخرج من الحوار بخُفَّي حنين - كالعادة أيضاً -.

 

5- طبيعة العلاقة بين الزوجين:

قد تكون العلاقة بين الزوجين علاقة يغلب عليها البرود والفتور والروتين.. والتي لا تسمح بالتشارك الحواري بينهما في كثير من الأمور، وتقلل من المشتركات التي يمكن أن تجمع بينهما.

يمكن أن يكون غياب الزوج عن بيته - بطبيعة عمله - وطول انقطاعه عن أهل بيته سبباً في هذه المشكلة.

يمكن أن يفعل فارق السنّ بينهما فعلته، فحين تكون الزوجة أصغر من الزوج بعشرين سنة مثلاً تعاني هذا الأمر.

كما يمكن أن يؤدي انعدام الحب والوداد والاهتمام بينهما إلى هذا البرود الذي يرخي بظلاله الثقيلة على طبيعة التعامل بينهما.

يمكن ويمكن ويمكن... أسباب كثيرة تؤدي إلى هذا الفتور الذي يقطع على الحوار أنفاسه.

 

6- التأثر بالمشكلة وتجنب ألم النقاش فيها:

بعض المشكلات مؤلمة - فعلاً - للزوج، ومعالجته لموضوعها الحساس يحفَّز ألمه النفسي منها، مما قد يدفعه إلى عدم النقاش مع الزوجة في المسألة لمرارة الخطوة.

عندما يمَسّ الموضوع شخص الزوج، أو كرامته، أو سمعته، أو شرفه... يؤثر حلّ الموضوع وحيداً؛ لأنه لا يتحمل أن يرى أحداً تحت السماء يتحدث في هذا الموضوع الخاص به والحساس بالنسبة له، وما أصعب أن تسيء الزوجة في مثل هذا الأمر ثم تحاول فتح باب النقاش فيه لتشرح لزوجها أن الموضوع "عادي - نورمال"!

 

7- الحالة المزاجية السيئة:

تلعب الحالة المزاجية دوراً خطيراً في المسألة، فبعض الأزواج الذي يُعتبَر وعيُه بنفسه قاصراً - نسبياً - يمكن أن يناقش أي أمر في أي وقت، ثم ينفعل، ثم يغضب، ثم يسيء، وقد يبطش بيده أو لسانه... ثم يهدأ ويندم ويعتذر، والمشكلة لا تزال قائمة!

لكن بالمقابل هناك أزواج يقرؤون أنفسهم بشكل واعٍ، يعرف أحدهم بأن حالته المزاجية الآن لا تسمح له بمناقشة الأمور والتحاور فيها، يخاف أن يخرج عن طوره، أو أن يسيء إلى الطرف الآخر بلسانه أو يده، فيعرِض عن النقاش ويفضّل أن يبقي الموضوع طي الكتمان في المرحلة الحالية التي تطول وتقصر بحسب كل شخص، وعندها يبرز دور الزوجة بالتقدير ومحاولة تمرير رسائل الإصلاح، {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]

 

قد يهمك: (مجرد مزاج)

 

8- الظرف غير المناسب:

كأن يكون ظرف الزوجة الصحي أو النفسي غير ملائم لمناقشة الإشكال، فيؤجل الزوج ذلك الحوار الذي يتنبأ بسخونته رحمة بزوجته ورفقاً بها، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع عائشة في حادثة الإفك ولم يناقشها الأمر لأنها اشتكت من المرض بعد عودتها من الغزو شهراً، ولما تماثلت للشفاء فاتحها بالأمر.

وكذلك يمكن أن يكون الظرف المانع من النقاش هو حضور أهل الزوج أو الزوجة، أو وجود الأولاد، فيؤثر أحد الزوجين تأجيل الحوار إلى ظرف أفضل يكونان فيه على انفراد.

المشكلة تكمن حين لا يراعي الآخر هذا الأمر ولا يقدِّره، ويُصرّ على فتح الحوار بغض النظر عن الظرف المانع، فيستمتع بانفجار كوني يضرُّه ولا يسرُّه!

 

9- عدم وجود علاقة بين الموضوع والشخص:

قد يرى الزوج أن هذا الموضوع ليس من شأن الزوجة التدخل فيه، ولا حتى الاطلاع عليه، مع أنه يؤرِّقه ويزعجه ويأخذه منها، لكنه لا يريد زجَّها فيما لا علاقة لها به، أو لا يريد أن تطّلع على بعض التفاصيل التي يرى الرجل أنها غير مناسبة ولا لائقة لاطلاع النساء عليها.

ممكن أن يرى الزوج ذلك عند وجود مشكلة بينه وبين أهله مثلاً، أو بينه وبين أحد أفراد أسرة زوجته، أو مع أصدقائه، أو في عمله وتجارته وحركته الاجتماعية، أو حتى مع أحد أبنائه... يرى الأمر منفصل عن الزوجة التي يكون لها رأي مختلف تماماً بالموضوع.

 

10- القناعة بعدم الجدوى:

وذلك لإخفاق حوارات سابقة، أو لتعدُّد وتنوّع طرق المعالجة التي سبق أن جرّبها ولم تنفع، أو لتكرار النقاش في الأمر نفسه مرات ومرات، أو لتكرار انقطاع الحوار قبل تمامه دون جدوى، أو النظر إلى موضوع الحوار من زاوية فردية ومصلحة شخصية...

هذه السلوكيات وأمثالها كفيلة بطي صفحة الحوار بين الزوجين إلى يوم القيامة؛ حيث يحكم الله بين العباد!

 

11- معرفة الحل سابقاً، والعجز عنه!

قد يكون الزوج عارفاً حلّ المشكلة، فاهماً لها واعياً بتفاصيلها، لكن عدم قدرته على تنفيذ الحلّ يمنعه من النقاش فيها، كأن يكون الحل مادياً والزوج معسر، أو الحل إثمه أكثر من نفعه، أو يقتضي منه تغييراً ليس في مقدوره كالاستقلال في السكن عن أسرته الكبيرة...، فيفضِّل التعايش وإغلاق الموضوع وقطع الألسنة التي تخوض فيه.

أو يكون العجز ليس من طرفه، بل من طرف زوجته، كأن يعي أن المطلوب من الزوجة هو التصرف الفلاني لحل الإشكال الفلاني، لكنها عاجزة عن قبوله أو المبادرة إليه، أو هو أثقل مما يمكنها فعله... فيغض عنه الطرف ويتعايش بسلام.

 

12- الخوف من تبعات الحوار:

بعض الزوجات عندها قائمة باختلافات السنوات السابقة (الأصلية والفرعية)، فما إن يفتح الزوج الحوار معها حتى تبدأ بسوقها واحدة تلو الأخرى، وتستخرج منها الدلالات والعبر والأحكام التي ينتظرها الزوج بفارغ الصبر!

ربما تكون المشكلات التي تبعَت الحوار من نوع آخر، كإذاعة الخلاف ومفردات النقاش، أو النكوص على أي قرار يتم التوصل إليه بالحوار بعد مراجعة الزوجة لأمِّها في الموضوع أو أختها.

 

13- الطبيعة النفسية للزوج

الزوج الكتوم الغامض: الذي يواجه زوجه كثيرة الكلام - برأيه - ، تستبق الأحداث وتحكم على أنصاف المشكلات.

الزوج الحساس: الذي قد يحمل الحوار معه جملة من الشحنات السلبية والتجاوزات الجارحة التي يفهمها انتقاصاً من كرامته أو تسفيهاً لرأيه وسخرية من شخصه...، أو يواجه تأففاً من شريكه وتضجراً يعتبره نوعاً من التفاعل السلبي مع الموضوع، فيشخصن الأمر وينتقل من مناقشة الموضوع إلى مناقشة صاحبه وتسفيه من يقابله.

الزوج المنظَّم: المرتَّب بأفكاره المنهجي بعرضها، قد يواجه زوجة تكون عندها الأسباب والنتائج غير مطردة ولا مرتبطة برابط منطقي وواضح لديه، فيتهمها بالسطحية والسذاجة التي لم يستطع أن يحيط "بفوضاها" خبراً.

 

14- الطبيعة النفسية للزوجة

قد يعي الزوج الطبيعة النفسية لزوجته، ويدرك الفوارق بينه وبينها، فيمتنع عن مجادلتها!

قد تكون الزوجة شرسة، عندها قوة في التبرير واختلاق الأعذار والدفاع عن النفس، ثم الهجوم على الخصم والانقضاض عليه، وربما لديها من القوة الجدلية ما يمكّنها من قلب الأمور رأساً على عقب فتجعل الحق باطلاً والباطل حقاً، ثم لا تقتنع بأنها أخطأت!

ربما تكون من النوع المستحوذ، الذي إذا بدأ الحديث استأثر به، فلم تدع مجالاً للزوج أن يتنفّس، وكتمت كلماته وألجمت عباراته بموسيقاها التي ترد عليه (رشاً ودراكاً).

هذه الطبيعة عند الزوجة تجعل الزوج يجتهد في تحاشيها واجتناب النقاش معها، وهي تسأله ببراءة: لماذا لا تناقش؟! لماذا تتهرب من الحوار كل مرة؟! ناقشني.. حاورني..!

 

15- اختلاف الحكم على الأمر

أحياناً يجد الزوج المشكلة محمولة ويمكن التعايش معها، وقد تأقلم على وجودها، لكن الزوجة تراها لا تطاق بالمرة!

ربما يحكم الزوج على موضوع بأنه تافه، غير ذي قيمة، لا ضرورة لنقاشه والحوار فيه، ولا داعي لذكره حتى! لكن الزوجة يكون لها حكم مختلف على الموضوع، وترى عدم الحوار فيه نوعاً من التملّص أو الذكورية المقيتة.

اختلافهما في الحكم على المشكلة كفيل بنشوء لعبة القط والفأر بينهما!

 

16- النفور بين الأطراف:

ممكن أن يكون النفور بين الطرفين سبباً وجيهاً في انعدام الحوار بينهما، فالحوار يحتاج إرادة من الطرفين للوصول إلى الحل {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35]، لكن إن لم يريدا ذلك فلا حوار أصلاً.

وأظن بأن الحوار من أبجديات العشرة بالمعروف في مثل هذه الحالة، {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].

 

قد يهمك (10 خطوات لتتنفس السعادة في بيتك)

 

17- كثرة المشكلات وتواترها:

خير وبركة، كل يوم مائة مشكلة بينهما، والحوار فيها يحتاج دوام 8 ساعات يومياً في غرفة الجلوس!

كثرة المشكلات تدفع بالزوج إلى طي صفحة الحوار، من باب: (ماذا أناقش حتى أناقش؟! السكوت خير!)

لكن ربما هذه المشكلات لا تكون من طرف الزوجة، بل تكون خاصة بحياة الزوج، بعمله، بأهله، بأصدقائه، بعلاقاته...، فتثقِل كاهله حتى تصيبه حالة من (التمسحة)، فيبرد تفاعله مع كل المشكلات من حوله، والتي منها مشكلاته الأسرية.

 

18- اعتبار فتح الحوار بداية للاستسلام:

مما يعني وجوب ترك الآخر حتى يتعلم! حتى يفهم أنه أخطأ، حتى يرجع معتذراً..

ومثله أن يعتبر الزوج الحوار نوعاً من خفض الجناح والمبادرة "البلهاء" التي في غير موضعها..

أو أن يعتبر الكف عن الحوار معيناً في إيصال رسالة عن صعوبة الأمر وجديَّته لدى الزوج، ويرى الحوار فيه كسر لهيبة موضوع الإشكال وجلالة قدره!

 

19- طبيعة نظر الزوج للزوجة:

بعض الأزواج يحمل في رأسه مجموعة من الأفكار التي يأخذها من أسرته ومجتمعه عن المرأة، تشكّل بمجموعها صورة معينة في ذهنه عن المرأة، والتي قد يرى من خلالها أن الأليق بالرجل مثله هو الأمر والنهي، التوجيه والتحذير، دون حوار ولا "ضراب السخن" J

ربما شعوره بالفوقية، وربما طبيعة المجتمع الذكوري الذي يعيش فيه، والذي يرى المرأة هي المخلوق المطيع التابع الذي يؤمَر ويُنهى دون حاجة إلى نقاش ولا حوار.. وهذا مما لا يستقيم، فهو من أمر الجاهلية كما وصف ذلك سيدنا عمر بن الخطاب بقوله: (والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمراً؛ حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم) [متفق عليه].

مهما تعاظم الزوج في عين نفسه فالرب سبحانه أعلى وأعظم وأجلَّ، وهو - سبحانه - على علو شأنه حاور إبليس - على قلة قدره -، وحاور آدم - على عظيم ذنبه -، ونبي الله سليمان حاور حيواناً (الهدهد)، وموسى حاور فرعون... فلا الزوج خيرٌ من المحاوِر، ولا الزوجة أسوأ من المحاوَر!

 

20- طبيعة نظر الزوج للبيت:

ممكن أن يرى الزوج زوجته مصدر سكنه، ويعدّ بيته مكانَ راحته، ولا يريد أن يعكِّر الجو فيه بخلافات يرى أسرته بغنى عن "وجع الرأس" فيها!

لكن ذلك الزوج يقابل زوجة ترى البيت مكاناً للود والاحترام والحوار والاحتواء والتفاهم والمُدارسة والفضفضة... فتتعاكس الرؤى وتختلط وجهات النظر.

 

ختامًا: رأيت أن الذي يمنع الرجل من محاورة المرأة أسباب كثيرة، هذه عشرين من أهمها:

  1. انعدام الثقة والمصداقية بين الزوجين
  2. وجود فجوة في التفكير والوعي والفهم بينهما
  3. عدم إدراك الفوارق بين الجنسين
  4. عدم اجتماع الحوار على هدف
  5. طبيعة العلاقة بين الزوجين
  6. التأثر بالمشكلة وتجنب ألم النقاش فيها
  7. الحالة المزاجية السيئة
  8. الظرف غير المناسب
  9. عدم وجود علاقة بين الموضوع والشخص
  10. القناعة بعدم الجدوى
  11. معرفة الحل سابقاً، والعجز عنه!
  12. الخوف من تبعات الحوار
  13. الطبيعة النفسية للزوج
  14. الطبيعة النفسية للزوجة
  15. اختلاف الحكم على الأمر
  16. النفور بين الأطراف
  17. كثرة المشكلات وتواترها
  18. اعتبار فتح الحوار بداية للاستسلام
  19. طبيعة نظر الزوج للزوجة
  20. طبيعة نظر الزوج للبيت

 


([1]) دراسة أعدَّتها "لجنة إصلاح ذات البين" في المحكمة الشرعية السنية بلبنان.